منهجية نقد الحديث عند العلماء المنصفين من الغرب

منهجية نقد الحديث عند العلماء المنصفين من الغرب
بقلم عبد الصمد الهدوي إي. بي،؛؛ ألنلور، كيرالا، الهند
الخلاصة
إن هذا البحث يسلط الضوء على منهجية نقد  الحديث عند العلماء المنصفين المعظمين من الغرب، فيبحث الباحث عن نقد الحديث متنا وسندا وتاريخه وأهميته ومعالجة المستشرقين به ويشتمل على مناهجهم في النقد أمثال وليم موير وجولد زيهر ويوسف شاخت وجيون بول في مناهجهم مثل ‘الملتقى العام’ ‘والمنهجية التاريخية النقدية’ ‘والمفارقة التاريخية’ ‘ومنهج المراجعة’ وكذا مناهج العلماء الذين أجابوا لهذه باستخدام مناهج المستشرقين،  وكذا يشتمل على المناهج المقيمة المعيدة للغرب للعلماء المنصفين من الغرب أمثال هرالد مورتزكي في ‘تحليل الإسناد مع المتن’ وجناتن برون في منهجه الخاص في نقد الأحاديث

المقدمة
إن الحديث النبوي أصل من أصول الشريعة الإسلامية حيث يعد وحيا غير متلوا، وهو يعد تفسيرا للآيات القرآنية حيث إن العمل بمجرد القرآن لا يمكن به الحياة، ولذا عالج أصحاب القرون الأولى بالحفظ والنسخ والإخبار حتى جمعت الدواوين والمصنفات وقبلها الأمة المسلمة بالقبول الحسن، ولما ظهرت الفتن والوقائع واختلط العرب بالعجم حتى استحل البعض الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم استخد العلماء المسلمون الوسائل لمنع الأكاذيب على الرسول ووضعوا قواعد خاصة لتمييز الصحيح من الضعيف.
ثم لما دخل في المماليك الإسلامية استعمار الغرب وابتلي المسلمون بالتخلف الحضاري والثقافي بالحيل الغربية ظهرت فرق للافتراء على الإسلام ومبادئه الزاهرة بالتشكيك في المصادر الأصلية، وقد تنبه العلماء من هذه الدسائس ونبهوا الأمة منها بالمصنفات والمؤلفات حسب قوله تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون، وهذا البحث يسلط الضوء على نقد الحديث متنا وسندا ومعالجة بعض المستشرقين به بأوهاماته الرديئة وبعضهم بالرد عليها بالأجوبة اللائقة أصوليةً ومنهجيةً. 
الفصل الأول: نقد الأحاديث
المبحث الأول: تعريف نقد الحديث
النقد لغة الإبراز والتمييز، وقال الزبيدي: والنقد تمييز الدارهم وإخراج الزيف منها، وأما في اصطلاح المحدثين فقد وضع العلماء له تعريفات مختلفة وأوضحها "تمييز الأحاديث المقبولة من غيرها مع بيان علة ذلك".
فهو علم يبحث في تمييز الأحاديث الصحيحة من الضعيفة، وبيان عللها، والحكم على رواا جرحاً وتعديلاً، بألفاظ مخصوصة ذات دلائل معلومة عند أهل الفن وقيل: تمييز الأحاديث المقبولة من غيرها مع بيان علة ذلك
المبحث الثاني: نشأة نقد الحديث وتاريخه
كان الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم غير محتاجين إلى القواعد والضوابط الخاصة في معرفة صحة الحديث ونسبته إلى النبي لأنهم كانوا قادرين على إثباته بالسؤال للنبي مباشرا، وأما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يعتمدون لتحقيق الأحاديث على أكثر الناس تعلقا بالنبي صلى الله عليه وسلم مثل أمهات المؤمنين، والمكثرين المتقنين في رواية الحديث مثل أبي هريرة وابن عباس وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم، ولم يحتاجوا إلى دقة النظر فيه لأن وضع الأحاديث كانت قليلة، إلا أن بعضهم كانوا يحتاطون في قبول الحديث فيطلبون الشاهد أو يحلفون الراوي قبل قبول الحديث الذي لم يشتهر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولما كثر الوضع في الحديث بعد وقوع الفتنة بين المسلمين، قام العلماء بواجبهم من حفظ السنة فلم يقبلوا الحديث إلا إذا علموا صحته، قال محمد بن سيرين "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة، فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم"، فحاول العلماء لتقنين القواعد لنقد الحديث، فشرطوا الشرائط وأصلوا الأصول ميزوا بها الأحاديث الصحيحة من غيرها، لكن لم تكن هذه القواعد مدونة بل هي مستعملة في أقوال العلماء - مثل مالك وأحمد وعلي ابن المديني والبخاري وغيرهم - وكتبهم في توثيق الراوي وترجيحه، وكذا في كتب أصول الفقه كما في الرسالة للشافعي رحمه الله.
وأول من صنف كتابا مفردا في فن نقد الحديث هو القاضي أبو محمد الرامهرمزي المتوفي سنة 360هـ فصنف كتابه "المحدث الفاصل" ثم صنف الحاكم النيسابوري (ت 405هـ) كتاب "معرفة علوم الحديث" ثم انتشرت هذه العلوم بنصرة من المصنفين والنقاد مثل ابن الصلاح (643هـ) والذهبي (748هـ) والحافظ العراقي (806هـ) وابن حجر العسقلاني (852هـ)، فقاموا بنقد الأسانيد والمتون للأحاديث المدونة.
المبحث الثالث: نقد السند
أما السند: عبارة عن الرواة الذين نقلوا لنا الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بتسلسل يعني راو عن راو يعني، مثلًا لو قلنا إنّ البُخَارِيّ يروي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وبينه وبين النّبي صلى الله عليه وسلم إسناد رجال، كل تلميذ تلقى الحديث عن شيخه وأداه إلى تلميذه، فهؤلاء هم رجال الإسناد، أو يُعبر عنهم بإسناد الحديث أو برجال الحديث، أو بطريق الحديث، أي تعبير من هذا.
وعلم دراسة الأسانيد هو عبارة عن التّأكُد من استيفاء شروط الصحة الخمسة، التي اصطلح عليها العلماء لصحة السند، وهي: اتصال السند، عدالة الرواة، ضبط الرواة، خلو الحديث من الشذوذ، خلو الحديث من العلة القادحة، فنقد السند عبارة عن دراسة الأسانيد للسنة النبوية وفي الرواة واستيفائهم الشروط المعتبرة للوثوق بأحواله حتى يقبل ما روواه.
المبحث الرابع: نقد متن الحديث وأهميته 
إن الأسانيد لها أهمية تامة في فن تمييز الأحاديث الصحيحة من الضعاف والسليمة من السقيمة ولكن مجرد البحث عن الأسانيد لا يفيد المعرفة التامة حول صحة السنة النبوية، لأن ضعف الراوي قد يظهر من أوصاف المتون مثل الاضطراب والإدراج وغيرها مما يدل على عدم الضبط، فلا يقبل حديثه وكذا إذا خالف النص الصريح من القرآن أو لما أجمعت العقول فحينئذ يكون السند صحيحا والحديث ضعيفا، وهذا هو المراد بنقد المتن.
كما ضعف الحافظ الذهبي حديث إذا كانت ليلة الجمعة فقم بأربع ركعات تقرأ فيهن: يس، والدخان، وتنزيل، وتبارك، ثم تدعو..الخ، وقال وهو مع دقة سنده حديث منكر جدا، في نفسي منه شئ، فالله أعلم، وكما قال ابن القيم: ومن علامات الوضع أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء فضلا عن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو وحي يوحى، ثم مثل لها بعديد من الأحاديث مثل حديث النظر إلى الوجه الجميل عبادة وحديث الزرقة في العين يمن.
ولنقد متن الحديث عند المتقدمين مقاييس معينة منضبطة – سنبحث عنها إن شاء الله - منها عرض الحديث على القرآن وعرضه على أحاديث أخرى  وعرضه على العقل السليم وعرضه على التاريخ وعرضه على الواقع والمشاهد وعرضه على الأصول الشرعية الثابتة بالأدلة القطعية والنظر في ركاكة اللفظ.
ومع هذا لا يقدر على هذا النقد لمتون الحديث إلا من مهر في معرفة الحديث، كما قال ابن القيم لما سئل عن طريق معرفة الموضوع بضابط من غير أن ينظر في سند الحديث " وإنما يعلم ذلك من تضلع في معرفة السنن الصحيحة واختلطت بلحمه ودمه وصار له فيها ملكة وصار له اختصاص شديد بمعرفة السنن والآثار ومعرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه."
الفصل الثاني: المستشرقون ونقد الحديث
فقد ظهر الإسلام يعلو على العالم كله حيث كان الأعداء كلهم يحدون النظر على المبادئ الإسلامية لتشويهها في العالم للدفع على التيار الإسلامي طوال العالم، وعجزوا عن مقاتلة الإسلام بالسيوف والأسلحة شرعوا في مدافعة الإسلام ومخالفته بالمبادئ والشكوك، فجعل المستشرقون الذين يتعلمون ويدرسون عن الإسلام مشككين في أحكام الشريعة الإسلامية ودلائلها، فقام بعضهم بمخالفة القرآن نفسه وأقروا بأن القرآن ليس بمركز في الاستدلال للأحكام الشرعية وقام بعضهم بمخالفة السنة وزعموا أن الأحاديث المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أصل لها بل هي موضوعة بأيدي المتقدمين من العلماء والعوام، فلإثبات هذه الشكوك الخاطرة بدأوا بهدم القواعد والأصول التي وضعها العلماء لحفظ السنة النبوية الشريفة.
المبحث الأول: منهج الغرب في النقد
إن المناهج في الفحص عن الماضي وأحواله قد اختلفت وسلك كل واحد حسب منهجه للتفتش عن أحوال الماضين وثقافاتهم، وكذلك ظهرت النتائج حسب مقاصدهم في فهم الأمور، فالمسلمون والغرب كلهم بحثوا عن الماضي على المنهج النقدي للفهم الدقيق ولكن على مختلف من الوجهات في النظرية، فالمسلمون في منهجية النقد التراثية سلكوا طرقا للنقد على أن الوقائع ثبتت في التاريخ وأفادت محاسن شتى ولكن الغرب في بحوثهم الأكاديمية سلكوا منهجا نقديا تاما حيث شككوا في كل الوقائع وحللوا في كل من المعاييب والمحاسن ومع ذلك كان الكل للنقد فيما في التاريخ، وكذلك الحديث وعلومه واجهه العالم الإسلامي والعالم الغربي ولكن بوجهتين مختلفتين في النظرية وظهرت النتيجة حسب المقاصد.
فإن نقد الحديث عند العالم الإسلامي كان التمييز بين الثقة من غير الثقة وراجعوا له إلى الروايات القديمة ومضمونها ومصادرها، وقد أثبتوا كل ما سمعوا من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ناقشوا فيها وناظروا فيها حتى إنهم وجدوا فيها ما يناقض الحقية أو ما يخالف الواقع الظاهر فتركوا ذلك الحديث، وكان المحدثون والفقهاء يقبلون كلا من الأحاديث عندما لا يوجد خلاف ولا مناقضة لأنه كان روي قولا للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه ممكن لأن يكون الرسول قال به فقدموا هذا الجانب.
فقد روي عن أحمد بن حنبل الحديث الضعيف أولى من فكرة رجل وكذا وما ذكر عن ابن الحاج المالكي أنه قص أظفاره يوم الأربعاء فلحقه برص فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه فشكا له فقال ألم تسمع نهي عن ذلك، فقال يا رسول الله لم يصح عندي الحديث عنك، فقال يكفيك أن تسمع ثم مسح بيده الشريفة على بدنه، فزال البرص جميعا، فظهر من هذا بأن المسلمين كانوا يعاملون مع هذا على الوجه القبولي حتى يواجههم ما يقابلهم من التناقض فيتركونه.
ولكن الغرب كانوا في صدد التشكيك بأنهم كانوا يشككون في جميع ما سمعوا عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى يثبت عندهم ما يثبّته بأنه قول رسول الله، فأرادوا الإثبات من العدم أولا ثم في المضمون، فلذا سلكوا وتتبعوا طرقا عديدا مما اخترعوه في العلوم واستقبلوه مناهج للعلم، ومن أهم المناهج التي سلكوه المنهجية النقدية التاريخية.
المطلب الأول: المنهجية النقدية التاريخية
وهذه المنهجية تعامل مع العلوم والتاريخ منهجية النقد للوقائع التاريخية، فكل ما روي ثابتا في التاريخ لا يثبت عندهم حتى يوافق لما ثبت لهم من الأساليب التحليلية، وأصحاب هذا المنهج يحللون الوقائع التاريخية تحت قالب النقدية التاريخية فإن صح يصححونها وإلا يكذبونها، وهؤلاء يواجهون التاريخ بعلامة السؤال حتى يثبت عندهم ما يصححها، وقد ظهرت هذه المنهجية حوالي 18-19 قرنا في ألمانيا علما للبحث عن التاريخ، وقال ليوا بولد وون رانكى إن التاريخ إنما هو النظر في المصادر للبحث عما وقع حقيقةً.
الفرع الأول: ومن أهم ضوابطها مبدأ القياس
إنما الثقافات تتغير حسب تغير الأزمان والأماكنة وكذلك الأمة الإنسانة تتغير أخلاقها حسب تغير أساليب الحياة والثقافات، ويدعون وبهذا يمكن لنا أن نعرف الأحوال القديمة للمصر واليونان بالفهم الصحيح للأحوال الجارية الآن فيها بالمنهج الثابت عندهم، وكذلك يطبقون هذا المنهج العلمي للفهم والتحليل للأقوال النبوية، والمسلمون كانوا يروون الحديث النبوي والتاريخ حسبما قاله النبي صلى الله عليه وسلم خير أمتي القرن الذين يلوني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم... ولذا كانوا يرونهم ويعدونهم موثوقين حتى كانوا يصدقون في كل ما قالوا وفهموا أن هذا العهد كان خاليا من الشيطان وكان الصحابة والتابعون سالمون من تهمة الكذب والافتراء.
إن ماكس ويبر العالم الاجتماعي الألماني أتى بهذا المنهج فقال إن شارع الأديان الحقيقي والثقافات ليس بمسؤوليين لتعاليمه الشاملة ولكنها شكلت بأيدي العلماء بعدُ وهم شمروا لتأسيس أصالة الشارع ومهارته وقوته لتطبيق آثار دينه، ولكن الإسلام غير هذا لأن المسلمين كانوا إنما يحفظون التعاليم الأصلية بالدفع للأباطيل والأكاذيب عن السنة النبوية.
المطلب الثاني: Form criticism
وهذه الفكرات التي ظهرت في التعليم عن الإنجيل أدت إلى اختراع نوع جديد من المنهج للنقد في كتاب الإنجيل والتشكيك في عباراته وأقواله حسب أوهام الناس والذي سماه form criticism، ويستهدف هذا النوع من المنهج إلى تشكيك أفهام الناس في ثقة الإنجيل وأقوال أرباب الدين، وكذا يستهدف أيضا إلى إحياء الكنائس لا لإحياء التراث العيسوي ولا لإدراك الأخبار عن عيسى، وهذا النوع يؤدي إلى بعض من الأوهام أيضا
1. التشكيك الأصلى في أصالة كتاب الإنجيل
2. التوجه العام بالتشويه على الروايات التراثية
ومن ضابطة المنهجية النقدية التاريخية التي اعتمدته
المطلب الثالث: Principle of Dissimilarity
وهذه المنهجية اخترعها التراثي الهولندي جاكب بيريزونيس  ويريد بهذا إلى أن الألفاظ في الروايات لها مزية تامة حيث إنه هناك ألفاظ كثيرة بما لا يوافق الخلفية وهو إما لا يوافق الزمان الذي نزل به الكتاب وبهذا الأسلوب شرعوا في النقد عن الإنجيل وأثبتوا فيها بما لا يوافق الخلفية الصحيحة، ومن أهم التأثرات بهذا المنهج أنه ظهر هناك كثير من الأسئلة الغريبة عن أصالة التراث الإسلامي وأساس الدين الإسلامي لأنه كان من أهم المقاصد والأهداف لهذه المناهج كان التشكيك في الأصالة الدينية.
المبحث الثاني: أطوار النقد للتراث الإسلامي القديم
إن بداية الدين الإسلامي ونشأته وتاريخه قد عامل به كل من المسلمين والغربيين ولكنهم كانوا بمختلف من المناهج، فالمسلمون عاملوا بها بنطاق ضيق لأنهم كانوا لا يتهمون بعلمائهم ولكن الغرب واجه التاريخ الإسلامي بنطاق واسع وبحثوا لهذا في المصادر الأصلية للإنتاج إلى الحق والصواب.
وكان أبحاثهم تدور على ثلاثة جوانب:
1. تاريخ الشعبية والسياسة الإسلامية القديمة
2. نشأة القرآن
3. نشأة الفقه الإسلامي
المطلب الأول: الأطوار الأربعة المختلفة
إن الغرب وأصحابه شمروا بتعاليمه أن يشكك الأصالة الدينية للإسلام وكان من هدفهم الدنيئ أن يطرح السؤال على أصالة الدين وأربابه، وقد سلكوا له عديدا من المناهج ومن أهمها:
المنهج الاستشراقي:   Orientalist Approach
فيلوا الإسلامي للاعتذار: Philo Islamic Apology
منهج المراجعة: Revisionist Approach
إعادة التقييم الغربي Western Revaluation
الفصل الثالث: المنهج الاستشراقي:   Orientalist Approach
وهذا المنهج يأتي تحت المنهجية النقدية التاريخية ويعد هذا من أوائل هذه المنهجية وهذه مع كونها يعارض كثيرا من الروايات التراثية يوافق ويقبل الشكل العام للإسلام.
وليم موير
وأول من اشتهر من المستشرقين بدراسة علم الحديث ونقده والبحث عنه هو وليم موير [Willium Muir] (تو:1905م)، وادعى أنه لا توجد مجموعة كتابية للسنة موثوقة قبل منتصف القرن الثاني،  وكان من أهم دعاويه الباطلة في كتابه حياة محمد أن عالم السنة النبوية كله غير ثقة وكله موهوم باطل، وأيضا يدعي بأن جمع الحديث كان من أوهام الناس الباطلة ومن حاجات العلماء، وضعه الناس والعلماء حسب تشهيهم الباطلة الشعبية أو السياسية أو حاجات العلماء، ويزعم بأن القرآن هو المعتمد فقط ولا يرجع إلى غيره للاستنباط والاستدلال.
ويستدل لدعواه الباطلة بأن معظم الأحاديث من كتاب الجامع الصحيح للبخاري المتفق عليه عند المسلمين ضعيف وباطل عند الغرب عندما يأتي تحت قالب منهجيتهم وإنما صح عندهم من الجامع القليل فقط، وكذا يعيب المنهج النقدي الكلاسيكي والتراثي بنقد الإسناد فقط ويقول إنه إنما يحيط جانبا قصيرا من هذه الجوانب ويقول ونقد المتن أيضا من المهم في فهم النصوص الشرعية والسنة النبوية ويكون جانب النقد للمتن من أهم الجوانب للنقد لأنه الأهم، ولذا أتى بمنهج يعالج المتن أكثر، وفي الحقيقة أن المنهج النقدي التراثي قد عالج المتن أيضا لأن العلماء عاملوا به أيضا كما عاملوا للإسناد.
جولد زيهر
ثم جاء المستشرق اليهودي المشهور إجناز جولد زيهر [I. Goldziher] (تو: 1921م) ، فقدم الدعاوي الباطلة بالتشكيك على الكتب الكلاسيكية والتراثية وادعى بأن جمع كتب الأحاديث والسنة النبيوة كانت من السماعيات التي من أصلها الإمكان للتخطئات، ولم يصنف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ما يبين به سيرة حياة النبي ولا في القرن التالي وأن هذه الروايات إنما وصلت إلينا بمجرد الأفواه والسماع والتي هي أجدر للتخطئات والأوهام ولذا يزعم بأن الأحاديث والسنة النبيوة لا تصح للاستنباط والاستدلال.
واستخدم لهذا المنهج المعروف عند الغرب مبدأ القياس Principle of Analogy، والمفارقة التاريخية  Anachronismويزعم بهذا بأن جمع الأحاديث إنما نشأ لما وقع المخالفات بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذاك من أهداف الشعوب والناس لنيل أهوائهم الباطلة فلذا أن هذه ليست من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم بل إنها كانت مفتراة بالشعوب والأحزاب، فكانت هذه كلها ما يصور به الحالات الاجتماعية للأمة المسلمة في ذلك الزمانز
ويدعي بأنه هناك أربعة أطوار ودوافع حثت المسلمين للافتراء للأحاديث على الرسول صلى الله عليه وسلم في القرون الثلاثة الأولى:
الدوافع السياسية
الدوافع الفقهية
الدوافع الشعبية
الدوافع القومية أو التاريخية
ويقول بأن معظم الأحاديث والسنة النبوية كانت مفتراة بالدوافع السياسية ويستدل لهذا بأن جمع الأحاديث كان وقعت هناك وقائع كثيرة في عهد الأموية ولذا يزعم بأن جمع الأحاديث كانت مستهدفة للدوافع السياسية، ويمثل لهذا مثالا بأنهم وضعوا أحاديث كثيرة في تقديس البيت المقدس نحو لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَمَسْجِدِ الأَقْصَى الذي رواه البخاري ومسلم  لنداء الناس إليه والحث في إظهار الشرف لدفع الناس عن دعوة عبد الله بن الزبير لأنه كان نازلا في المكة بجوار الكعبة فكان الناس يلتجئون إليه فوضعوا أحاديث لهذا الهدف السياسي.
وادعى أيضا دعاوي باطلة على واضع علم الحديث ابن شهاب الزهري كما هو عادة المستشرقين للتشكيك في علم الحديث من أصالته، ويقول بأن ابن شهاب الزهري كان قاضي الخلافة الأموية ولذا وضع أحاديث كثيرة حسب الأوهام للخلافة ولذا يحتاج المحدثون وأصحاب الحديث للفهم الدقيق عما رواه ابن شهاب الزهري وجمعه لأنه يجب النقد الصحيح والفهم الدقيق للمتن أيضا لأنه من الأهم أيضا في ففم السنة النبوية، فظهر بأن التناقض في المتن يشعر بنفسه التناقض في الإسناد.
يوسف شاخت
وأتى بدعوى جديدة  وأقره عليه تلميذه يوسف شاخت [J. Schacht] (ت: 1969م) وهي أن المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عصر العباسية لم يكون مهتمين بالعبادات وفقهها وأحكامها لأن الأحاديث الشائعة بينهم لم تكن متعلقة بالفقه بل كانت تتعلق بالأخلاق والزهد والآخرة والسياسة، وأن الأسانيد كلها مما وضعتها العلماء بعد النصف الأول من القرن الثاني وأنه من الصعوبة أن يعد واحد من أحاديث الأحكام الفقهية صحيحا، بل وضعت للتداول بين الناس منذ نصف القرن الثاني وما بعده.
ثم ظهر يوسف شاخت بالتشكيك في الأصل والإسناد لإثبات التضعيف في السنة وأكد بأن الدوافع الفقهية والشرعية كانت أهم الأسباب لافتراء الأحاديث النبوية كما أكد جولد زيهر الدوافع السياسية لافتراء الحديث وبعد الإثبات في الإسناد أثبت أيضا التناقض في المتن أيضا، وقال بأن أحاديث الأحكام ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم بل معظمها مفتراة بالفقهاء بعد.
ويمثل لهذه الدعوى الفاسدة بما وجده من رسالة الحسن البصري التي أرسلها إلى الخليفة الأموية عبد الملك بأنه لم يوجد فيه أي من الأحاديث النبوية مع أنه توفر فيه كثيرا من الآيات القرآنية مع ما في الباب من الأحاديث العديدة رغم أنه من شأنه أن يأتي بالأحاديث، فظهر من هذا أنه ما كان الحديث موجودا في زمنه بل كان مفترى من بعدُ وإنما وضعه الآخرون وسموا هذا المنهج Argument-e-silentio.
ويزعم شاخت أن الفقه الإسلامي قد تطور بين العوام والخواص من العلماء في مختلف من المناطق من الكوفة والبصرة والمدينة تحت أيدي العلماء كأبي حنيفة والشافعي ومالك بن أنس وأحمد بن حنبل وليث بن سعد وغيرهم فظهر أن الأحاديث كانت غير صريحة في الاستدلال وإنما ضبطه وجمعه ووضعه الفقهاء حسب أوهامهم الباطلة وقننوا أيضا قوانين لقبول الحديث ورده الاستدلال به.
جيون بول
وهذه المناهج تأثرت في الغرب وكذا الشرق وبدا كثير من الرسالات والبحوث في الأكادمية وتأثرت في عقول المفكرين وبدأوا للتفكر على ما يوافقها أو يخالفها فظهرت النتائج عليه، وممن تأثر به جيون بولي وجددها وأصلحها بمنهجه الخاص التأريخ Datingويزعم بأن المؤرخين لا يمكن لهم أن يقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا ولكن يمكن لهم أن يقول أنه لم يقل هذا وذا لأنه من الممكن أن يفهم البيئات والأحوال الجارية لذلك الزمان. وسما بنفسه هذا المنهج من هجية التأريخ(Dating)
ويدعي بأن الآحاد إذا لم يرد من مختلف من الطرق والروايات فإنه موهوم وفيه إمكانية الضعف لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يقوله أمام الوفود والجماعة فإنه من الضروري أن يرويه غير واحد من العلماء والرواة وإذا لم يروه إلا واحد فيتهم بالطبع بالافتراء، ويستدل لهذا المنهج بما سماه منهجية الملتقى العام للرواة (Common Link theory) ويدعي بأن ما قبل الملتقى العامة للرواي مما افتراه الراوي الذي في الملتقى، وهذا الراوي هو السبب الوحيد في افتراء السند، وقد أثبت هذا بتحليل مسائل في الإسناد كما في الجدول 1
وحلل الأوهام في الإسناد على النحو التالي
الرواية الأصلية: رواية الصحابي ثم التابعي ثم الملتقى العام ثم الملتقى الجزئي ثم الراوي ثم الجمع، وقد أثبت هنا بأن هذا الإسناد مفترى عنده لأن الملتقى العام هنا وضع الصحابي والتابعي وهو من عند نفسه.
ثم البديلان من غير الملتقى العام الذان من الممكن أن يفتري الجامع أو الراوي الصحابيَ والتابعيَ قبل الملتقى العام، وهذا غير معتمد في التاريخ.
  




ويدعي كما زعم يوسف شاخت وجولد زيهر بأن الأحاديث وضعت الإسناد في القرون الأولى الهجرية لحاجات القاصين والواعظين والفقهاء في فهم الأحكام الفقهية، وأظهر بهذا أن الحديث المتواتر عند المسلمين الذي رواه أصحاب الكتب الستة وأصحاب الأحاديث كلهم "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" بأنه ضعيف وموهوم بهذا المنهج فأثبت بهذا أنه لو كان الإسناد أيضا من الضعيف فكل ما عدا ذلك ضعيف وباطل بالأولى، ولا أثر هنا لقاعدة التواتر وشروطه وكذا إن جميع الأحاديث من الممكن أن يكون باطلا وموضوعا.
وادعى روبسن [Robson] أن الأسانيد تم اختلاقها في القرن الثاني، وتم تركيبها لأحاديث مختلقة ونسبت لشخصيات ومراجع أعلى لترويجها، وغيرها من الشبهات والتشكيكات التي أثارت المناظرات والمناقشات، ثم تابعهم كثير من المستشرقين المتأخرين مثل فنسنك [Wensinck]
ومن أهم تلك الاعتراضات دعواهم بأن العلماء المسلمين اكتفوا واستراحوا بمجرد البحث في الأسانيد والرجال وأعرضوا عن النظر في معنى المتون وصحتها وموافقتها للعقل والقرآن والتاريخ، وأن العلماء قبلوا الأحاديث إذا صحت أسانيدها ولو كانت مخالفة للكتاب والعقول.
الفصل الرابع: فيلوا الإسلامي للاعتذار: Philo Islamic Apology
وهذا المنهج قد تشكل في الغرب والعالم الإسلامي جوابا للمنهج الاسشراقي النقدي للحديث النبوي، وهذا قبله بعض من المستشرقين المنصفين والمسلمين، وقد أجاب العالم الإسلامي والعلماء المنصفون من الغرب لهذه التشكيكات والتوهيمات بالمناهج اللائقة الكافية.
وظهر من الهند العالم الحداثي سر سيد خان (المتوفى 1898) ورد لمعظم هذه الأباطيل الواهية وأجاب لأسئلة وليم مويروقال بأنه أوّل الأحاديث والسنة النبوية بغير فهم معانيها الأصلية الحقيقية وكان مركزا على التعصب خلاف المسلمين وقال أيضا بأن موير استخدم لدعواه الأدلة التي قطع هو بنفسه بضعفه.
وجاء بعده عدد كبير من العلماء من الجامعات الغربية الذين ما كانوا مقرين بما فعله يوسف شاخت، وجولد زهير وأتباعهما ولكنهم نظروا نظرة نقدية لهذه المناهج خلال 1960-1980، ومعظمهم كانوا من خلفية الشرق الأوسط، وكان من أهمهم نابية أبوت
وقالت بأن عدم التأليف في القرون الأولى ولقلة جمع الأحاديث لأن الأوراق كانت قليلة ورخيصة في ذلك الزمان ولذا كان العلماء إنما يكتبون المتن فقط وكانوا يقلون الكتابة في جميع المجالات وليس هذا الجمع افتراء للأحاديث ولا للإسناد وإنما وضعوه بعدُ، ويستدل لهذا بأن صحيفة حسن البصري كانت صغيرة الحجم ثم بعده كتب ابن شهاب الزهري كانت مما يشتمله الحقيبة ثم بعده كتب الإمام أحمد بن حنبل مما يحمله الجمل ثم بعده كتب الإمام الواقدي مما يحمله 600 صندوقٍ تقريبا، فأثبت بهذا عدم كتابة الإسناد والمتن ليس بافتراء من المحدثين وأصحاب الحديث.
ثم ظهر منهم  من الهند من جامعة كامبريج مصطفى  الأعظمي وقد أجاب الأعظمي لدعاوي شاخت وجولد زهير بأنها مجرد دعاوي بلا أي دليل كاف وأنها أباطيل خيطها بدون الفهم الصحيح للأدلة والقوانين، وادعوا أيضا بأن الدوافع السايسية أدت إلى إظهار فن السنة النبوية وبأن الخلافة الأموية قد ساهمت المحدثين لافتراء الحديث والسنة النبوية، ورد عليه بأنه لا يوجد أي دليل لهذا الوضع فاسدا لا رسميا ولا غيره، ورد أيضا بأنهم استخدموا التعميم فيما حصلوه من الأدلة القليلة وقاسوا الأمور بما لديهم، وقد استدل شاخت بما في موطأ للإمام مالك بن أنس مثالا واحدا الذي أجمع الأمة المسلمة فهمه في نقد الحديث خطأ في ذلك المسألة فقط.
وهكذا يرد على Argument-e- silentio  فيما لم ينص أحد من العلماء أحدا من الأحاديث في رسالة الحسن البصري الذي لم يشمل على أحد من الأحاديث، وقال بأن عدم إيراد أحد منها لا يشعر بعدم وجوده، لأن المفتي لا يجب عليه كتابة الدلائل في المسائل، ومع هذا إنما أورد الشافعي في الرسالة بعضا من الأسانيد الناقصة فقط لأنه المحتاج فيه.
الفصل الرابع: منهج المراجعة: Revisionist Approach
وهذا المنهج ظهر تطبيقا للمنهج الاستشراقي النقدي منذ بداية 1970 وتأثر كثيرا من المنهج الاستشراقي، وتحدى كثيرا عن التاريخ الإسلامي ومركزية القرآن للأحكام الإسلامية. إن المستشرقين إنما أوقعوا التشكيك في الأحاديث والإسناد فقط ولم يوردوا على الوجه الإجمالي للتاريخ الإسلامي ولا لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ولكن أصحاب هذا المنهج يقولون بإعادة الكتابة للتاريخ الإسلامي على التفصيل من بداية الإسلام ويعرف منه تاريخ جديد شامل لليهود والنصارى، وظهرت الدراسات حسب هذه المناهج خلال 1977-1979.
وبرز على هذا المنهج باتريسيا كرون، وميشيل كوك وزعما بأن الأحاديث والسنة النبوية ما كانت موجودة في كتب الأحاديث قبل سنة 700م \100ه وإنما افتراه من بعده بالأسانيد الجديدة واستخدم لهذه المعلومات المناهج الموضوعة لدى شاخت وجولد زهير في منهجهما لنقد الإسناد والمتن.
واستخداما لهذا المنهج ادعى كرون، والعالم الإنجليزي جون وانس برو وجون برتن أيضا بأن الأحاديث كانت مفتراة بالعلماء من عند أنفسهم لتفسير آيات القرآن الكريم لتيسير الإفهام للعوام لأنه لم يثبت الإسناد ولا الجمع في عهد الرسول ولا الصحابة، وشككوا في نشأة السنة النبوية فقالوا بمجرد التفسير لآيات القرآن الكريم. 
الفصل الخامس: إعادة التقييم الغربي Western Revaluation
وهذا المنهج قد اتبع النقد للتراث الإسلامي باستخدام المنهجية النقدية التاريخية ومع ذلك دافع الغلو في منهج المراجعة وظهر حوالي سنة1980 جوابا لذلك المنهج ونازعه في التشكيك الأصلية، وقد أظهر هذا المنهج السؤالات الواضحة في منهجية المستشرقين وكذلك يزعم أن التراث الإسلامي قد فاز وظفر على تلك الأوهام الباطلة.
وقد ظهر هذا المنهج إجابة للأسئلة الورادة على فن علم الحديث من قبل المستشرقين والدراسات من الغرب باستخدام المناهج الغربية التي قدمت للدراسة والبحث عن الشرق والإسلام وأصحاب هذا المنهج النقدي تهيؤوا للإعادة التقييم للمناهج المختارة عند الغرب كمنهج المراجعة والتاريخية النقدية فيما شككوا بها أصالة الشريعة الإسلامية والتاريخ الإسلامي والسنة النبوية.
قد تحدوا هذه المناهج وأصحابه بوجهتين:
الفكرات الأساسية الموجودة عند الغرب ليس بصحيح
النقد الغربي ليس له الإلمام التام عن المصادر الأصلية وإنما عاملوا بها مع الوجه الأسهل ولذا ضاع الفكرة الأساسية من منهاجهم.
وأعادوا التقييم أولا على الفكرات الأساسية عند الغرب التي وضعوها قواعد وقوانين لنقد الأحاديث والسنة النبوية، لأنهم قطعوا أولا بأن الأحاديث من أولها غير صحيح وليس بمنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكذا أن شيئا من السنة صحيح وبدؤوا من هذه البداية للنقد، وبهذا المنهج انتهج شاخت وجولد زهير و كرون وجيون بول وأنكروا أولا عن أصالة السنة النبوية، فتقدم داويد بور وبحث عن منهج جيون بول في الملتقى العام على الوجه التفصيلي ثم أعلن بأنه لو بحث عن الملتقى العام دراسة تامة لوجد هذا قبل ما قاله جيون بولي وسما هذا المنهج التحليل على الوجه التفصيلى للملتقى العام وقال بأن الدراسة التامة عن جميع الروايات تثبت الملتقى العام قبل ما أقره شاخت وجولد زهير.
هرالد مورتزكي
وهذه الفكرات والنظريات قد حققتها العالم الألماني هرالد مورتزكي وهو الوحيد الذي عامل بالحديث والسنة النبوية على الإنصاف والتقديس الذي عامل به المسلمون في الدراسة عن السنة النبوية، وقد فحص جميع الروايات والأسانيد الموجودة في جميع الكتب لا الجميع الموجود في الكتاب الجاري المشهور الذي عامل به النقاد من الغرب كما عامل به الحافظ ابن حجر العسقلاني في النقد عن الحديث النبوي.
وأثبت مورتزكي في الدراسات الغربية النقدية عن الحديث ثلاثة أمور:
إن دعوى Argument-e- silentio غير صحيح (Invalid)
وإن دعوى جيون بول في الملتقى العام وقع بلا الفهم الدقيق لأنه يفهم منه  وجود الملتقى العام قبل ما نقله جيون بول
وكان ابن شهاب الزهري وابن جريج كانا أمينين صادقين معتمدين في زمانهم على الرغم لرواياتهما وجمعهما للحديث النبوي
ويعلن مورتزكي بأن الأمر كما زعم المستشرقون والغرب بأن عدم وجود رواية لأحد من العلماء ليس بدليل على عدم الوجود أصلا بل ربما يكون قد تركه لأمور أخرى كما يكون الخلفية غير مناسب للإتيان ولا موافق للمناسبة، ومن المعروف المشهور بأن الأحاديث كان منقسما في البلاد المختلفة والمناطق المتفرقة مثل الكوفة والبصرة في عهد الأئمة المجتهدين، كما ترى في التلميذ المصري أخبر الإمام مالك بن أنس الذي كان قد لازم المدينة أحاديث كثيرة ما سمعها قط وأقرها.
ومن الفكرات لدى الغرب بأن الأحاديث التي روي بإسناد واحد يفهم من أصلها ضعيف لأنه من الممكن الظاهر أن يكون له الأسانيد المختلفة، ولكن مورتزكي أجاب لهذا بأن الإسناد ما كان رائجا في زمن الصحابة وإنما أضافوا السند لمجرد الإخبار بأنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان الإسناد مرجوا منهم لأن الإسناد والإخبار بالسند ليس من عاداتهم، وإنما ظهر الإسناد خلال القرون السابعة والثامنة الميلادية.
وادعى جيون بول في منهجه الملتقى العام أنه يمكن أن يوجد كثير من الملتقى العام ثم مئات من الملتقى الجزئي فيوجد له آلاف من الأسانيد فيكون هذا لحظة تاريخية في الإسلام ولكنه وجد سند واحد فقط، وأجاب بأنه لا يعاب عدم وجود الأسانيد على هذا الوجه لأنه ما أثبته من كثرة الملتقى العام والجزئي وآلاف من الأسانيد ولكن هذا غير ضروري، فأظهر بهذا بأن عدم وجود كثرة الأسانيد ليس بدليل على تضعيف الأحاديث ولا لترك السنة النبوية.
وأكد مورتزكي بأن يوسف شاخت وجولد زهير وأمثالهما قد استخدموا العدد القليل من المصادر الوافرة واستدلوا من القليل منها ثم عمموا بما وجدوا، فلذا انعكست النتيجة، كما راجع جولد زهير تحفة الأشراف لجمال الدين أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (المتوفى  742ه) فقط، ولكن هذا الكتاب قد شمل القليل بالنسبة إلى الكتب الستة الصحيحة.
ومع هذا قد استخدم مورتزكي دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني البيهقي (المتوفى 458ه) ومصنف عبد الرزاق لأبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني (المتوفى 271ه) للمراجعة في النقد والتحليل للمسائل على الوجه التفصيلي، وقال بأن الملتقى العام يوجد في زمن الصحابة أيضا في النصف الثاني في القرن السابع الميلادي.
وأثبت مورتزكي هذه الحقيقة في مقالته في نقل قصة قتل ابن أبي حقيق أيام خيبر، فجمع الروايات المختلفة لهذه القصة وأعلن بأنه كان هناك عديد من الملتقى العام في نقل هذه القصة نفسه، وسما هذا المنهج لنقد الحديث متنا وسندا ، ويريد بهذا بأن النقد للأحاديث النبوية لا بد أن يكون التحليل التام مع الإسناد والمتن أيضا.
وقد أثبت مورتزكي بهذا المنهج لنقد الحديث بالتحليل على الإسناد والمتن معا ثلاثة أمور:
كثرة الطرق في الإسناد ينتج عملية الرواية
كثرة الأسانيد والطرق يؤثر الرواية الأصلية
إنه يكون المروي من الملتقى العام يكون كله مماثلا فيكون معتمدا، وإلا فيمكن أن يكون قد وقع فيه الافتراء في المتن
وقد أكد مورتزكي بأن تأسيس المبادئ الأصلية في علم الحديث قبل الملتقى العام لا بد من الفحص التام في المتون قبل الملتقى العام، ولهذ قد بنى العمليتين المختلفة:
التفتش التام عن التغيرات في المتن الآتي من مختلف الأسانيد من الملتقى العام الواحد
الفحص التام عن التغيرات من غير هذا الملتقى العام
وقد أقر هو بنفسه لهذا المنهج أنه يحتاج إلى التفتش والبحث في جميع الروايات وهذا مما يحتاجه شغل الأوقات الكثيرة لفهم جميع الأحاديث فردا فردا، ولذا أثبت هذا في الحديث الذي رواه مالك بن أنس في الموطأ برواية أبي هريرة وعبد الرزاق في مصنفه برواية أبي سعيد الخدري وحقق الأمور هنا:
روى مالك في الموطأ: وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي عبد الله الأغر وعن أبي سلمة عن أبي هريرة  ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له
روى عبدالرزاق في مصنفه: أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن الأغر ابي مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ما اجتمع قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وتغشتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده وقال إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول نزل إلى هذه السماء الدنيا فنادى هل من مذنب يتوب هل من مستغفر هل من داع هل من سائل إلى الفجر



المتن الأول: ما رواه مالك في الموطأ برواية أبي هريرة: ينزل ربنا تبارك وتعالى، حين يبقى ثلث الليل الآخر
المتن الثاني: ما رواه عبد الرزاق في المصنف برواية أبي سعيد الخدري: إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول
إن رواية أبي هريرة قد جُمع أولا وأنه كان موجود في زمن كتابة مالك الموطأ، وهنا أن معمر الذي كان صديق مالك وتلميذ الزهري قد أخذ هذا الحديث برواية أبي سعيد الخذري، وهذان الحديثان وإن كانا بالمعنى الواحد ولكن مع التغيرات القليلة كما أشير إليه، قد أخذ هذا الحديث من الزهري وأبي إسحق ولكنه روى برواية أبي إسحق لأنه الأقوى في الرواية، وهذان الحديثان حديث واحد مع التغير القليل مما نقل من الملتقى العام الواحد، وكان أبو إسحق في كوفة وتوفي سنة 744 والزهري في الحجاز وتوفي سنة 742، وظهر من هذا أن الملتقى العام قد كان في النصف الأخير في القرن السابع نفسه فأثبت بهذا الاستدلال بأن السنة موجودة وباقية في زمن الصحابة أيضا.
2. جناتن برون
وهناك أحاديث كثيرة مما فهمه المسلمون ضعيفا وموضوعا بالمقابلة بالمناهج المختارة عندهم وكذا الغرب بمناهجهم الموضوعة لنقد الأحاديث النبوية وهنا حديثان مما روى الجورقاني والذهبي في الموضوعات مثل ما روي: يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي هو سراج أمتي وكذا ما روي: إذا رأيتم معاوية على المنبر فاقتلوه، قد فهمهما المسلمون بأنهما ضعيفان وموضواعان بالنقد المعروف عندهم والغرب بالمفارقة التاريخية (Anachronism) ولذا صح أن المسلمين عندهم مناهج للنقد الصحيح.
إن جولد زهير وأمثالهم لم يستخدموا الإلمام التامة لنقد المتون ولكن البخاري وأمثاله من كبار علماء الحديث من ا لمسلمين قد ألموا تماما بالمتون ولكن بغير الفهم التشكيكي، وهنا حديث واحد قد اتهم الغرب بأنه موضوع وباطل والمسلمون بأنه صحيح ومقبول كما روي: إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فأتوها؛ فإن فيها خليفة الله المهدي
وقد بحث الغرب عن هذا الحديث وقالوا بأنه موضوع من قبل البرامج للثورة العباسية لنيل أهوائهم وتقديس مقاماتهم أمام الناس أو وضعوا الحديث من أوله،  وكان العباسيون من أهل الرايات السود ومن بلاد خراسان مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه كثير من أمور الغيب مثل هذه.
وكذلك قد عامل جناتن برون بما قرر الغرب ضعيفا وموضوعا من قبل الخلافة الأموية لنيل أهوائهم السياسية بتقديس بيت الله المقدس لصرف قلوب الناس إليه من عبد الله بن الزبير الذي كان قد لازم المكة والكعبة وكان يخالف الخلافة الأموية، كما روى البخاري ومسلم وآخرون" لا تشدّ الرّحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرّسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى" حيث كان الزهري الذي وضع الحديث من أحد قضاة الخلافة  الأموية.
ولكنه رد هذا الافتراء بأنه يوجد له أسانيد غير هذا مما يعضد هذه الرواية وأعلن بأنه ليس هناك أي دليل على وضع تلك الأسانيد ولا لافتراء الجميع من الروايات، وأكد أيضا هذا بأن القرآن نص على تقديس البيت المقدس في قوله تعالى سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فأثبت بأن هذه الرواية ليست مفتراة من قبل الأهواء السياسية للخلافة الأموية.
إن العالم الإسلامي والعالم الغربي قد عاملوا بالسنة النبوية واعتبروها للتمييز بين الصحيح والضعيف التفريق بين السقيم والسليم وأوجدوا الأحاديث الضعيفة والموضوعة حسب القواعد  المعروفة ولكن يشير هو بنفسه بأن كثرة الأحاديث الضعيفة من نقصان منهجية المسلمين لنقد الأحاديث، ومع ذلك قد عالج العالم الإسلامي التراثي السني مع الحديث حق الاعتبار وفهموها حق الفهم، واخترع منهجا خاصا شاملا لجميع الجوانب للأحاديث النبوية وسماه Three- Tiered System، ويريد بهذا أن نقد الحديث إنما يتكون من البحث التام عن الطبقات الثلاث للحديث: الأولى الفحص التام عن المصدر والأصل، والثاني التفتش عن ثقته وثباته، والثالث اختراع ما يعضده وإيجاد طرق يقويه، ويقول بأن النقد إنما يظفر بمقاصده الأصلية عند اعتبار هذه الظروف والجوانب.
المصادر والمراجع
الزبيدي، أبو الفيض محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني الملقّب بمرتضى ، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق عبد الستار أحمد فراج (كويت: لجنة فنية لوزارة الإعلام، 1391ه/1971م)
ابن تيمية، بدر الدين محمد بن محسن، أشهر وجوه نقد المتن عند شيخ الإسلام ، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، المجلد 17، العدد 33، (1426هـ)
نور سيف، أحمد، مقددمة التاريخ لابن معين )مكة المكرمة: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي (1979م /1399 ه)
النيسابوري، مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، مقدمة الجامع الصحيح. (بيروت: دار الجيل، د.ت)
الذهبي، محمد بن أحمد ، ميزان الإعتدال. (بيروت: دار الكتب العلمية، 1416ه)
الدمشقي، محمد بن أبي بكر ابن القيم الحنبلي ، المنار المنيف في الصحيح والضعيف. تحقيق عبد الفتاح أبو غدة. (حلب: مكتبة المطبوعات الإسلامية، 1403هـ)
العجلوني، إسماعيل بن محمد الجراحي، كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس (القاهرة: مكتبة القدسي1351 هـ)
السلفي، محمد لقمان ، اهتمام المحدثين بنقد الحديث سندا ومتنا ودحض مزاعم المستشرقين وأتباعهم، (الرياض: دار الداعي، 1420هـ)
الأصبحي، أبو عبد الله مالك بن أنس، الموطأ،( دمشق: دار القلم ط،1، 1991)
الصنعاني، أبو بكر عبد الرزاق بن همام ، مصنف عبد الرزاق (بيروت: المكتب الإسلامي1403)
الجورقاني، الحسين بن إبراهيم بن الحسين بن جعفر، أبو عبد الله الهمذاني، الأباطيل والمناكير (المكتبة الشاملة)
السيوطي، الإمام جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين ، الجامع الصغير من حديث البشير النذير (المكتبة الشاملة)
Jonathan A.C. Brown, Hadith Muhammad’s Legacy in the Medieval and Modern World (Oxford: Oneworld, 2009)
Nabia Abbott (d.1981)   (Studies in Arabic Literary Papyri II: Quranic commentary and Tradition, 1967)
Muhammed Mushafa al Azami, (Studies in early hadith literature (1978) On schacht’s origin of muhammadan jurisprudence)
Michael cook (Hagarism, 1977)
Crone (Meccan Trade and Rise of Islam.1987)
John Wansbrough (Quranic studies,1977)
John Burton (Introduction to Hadith,1994)

No Response to "منهجية نقد الحديث عند العلماء المنصفين من الغرب"

Post a Comment

മാന്യവും ക്രിയാത്മകവുമായ അഭിപ്രായങ്ങള്‍ പ്രതീക്ഷിച്ചുകൊണ്ട്,,,

Search This Blog